من أحدث المقالات المضافة.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : محمد عمير الخالدي.
إجمالي القراءات : ﴿10386﴾.
عدد المشــاركات : ﴿20﴾.

لا شك أنه من أراد وابتغى حسن المعاشرة والاحتفاظ بمودة الأصدقاء والمعارف, فلا يكثر من عتابهم وتحري هفواتهم, لأن المرء مهما سما خلقه لا يسلم من ارتكاب الهفوات والزلات, إذ أن الإنسان مخلوق غير معصوم من الخطأ لأن التآلف بين الناس أمر طبيعي تمليه الضرورة وتتحكم به الغريزة, فالإنسان اجتماعي بطبعه, لهذا فهو يقبل على اتخاذ الأصدقاء والمعارف ومعاشرة الآخرين من الناس معاشرة تختلف باختلاف نوعية العلاقة, كالقرابة والزمالة والصداقة وغيرها. وطبيعي جداً أن يحرص المرء على أصدقائه وإخوانه بحسن معاشرتهم وأن يحاول جهد طاقته أن يحتفظ بمودتهم لكن مع الأسف فأن المرء العاجز هو الذي لا يستطيع أن يجد له معارف وأصدقاء وأعجز منه هو من ضيع من ظفر به منهم والحياة بلا صديق ومعارف عبارة عن جحيم لا يطاق، يقول الشاعر :
وكنت إذا الصديق أراد غيظي =على حنق وأشرقني بريقي
غفرت ذنوبه وكظمت غيضي =مخافة أن أظل بلا صديقي

فالعاقل إذا هو من يغضي عن هفوات الأصدقاء ويصفح عن عثراتهم, وليس من الإنصاف في شيء أن يترك المرء صديقه لأول هفوة تصدر عنه, فما من إنسان في الوجود مبرأ من الخطأ, والصديق كالسهم يخطئ ويصيب, فإذا أكثر المرء من العتاب وألح في المؤاخذة, انحلت عرى الروابط بينه وبين أصحابه وتغيرت القلوب وحلت القطيعة محل الإخاء والمودة إلا أنه يجب أن نعترف بأن هناك من القلوب المتوحشة من البشر لا تستطيع العيش إلا بالإساءة للآخرين قولاً وفعلاً، فترى تعاملاتهم يغلفها السوء والشر, وتصرفاتهم مع الآخرين سيئة وكلامهم بذيء ليس لهم صديق أو حميم فالجميع ينفر منهم.

■ خطوات تساعدك على كسب محبة الناس :
موضوع قام بإعداده أحد الزملاء في أحد المنتديات الصديقة وأحببت نشره لتميزه ولكي تعم الفائدة للجميع، وهي عبارة عن خطوات لكسب الناس، جزى الله خيراً كاتب هذه الخطوات وقارئها.
يقول الله تعالى مادحاً لرسله و أنبيائه : (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)، فهم القدوة والمثل الحسن لنا، ومن الخصال التي نقتدي بهم طرق كسب الناس، ومن هذه الطرق:
1- خدمة الناس وقضاء حوائجهم : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) فمن أقرب الناس للإنسان أهله وأقاربه، ومن أقرب الطرق لكسب قلوبهم : التحبب إليهم وتقديم المعونة والإحسان. وقد قيل : أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم، وهكذا حال النفس البشرية تميل إلى من يتودد لها ويحسن لها، وبهذه الطريقة يكسب المؤمن قلوب من هم حوله في عمله أو جيرانه، ويكون طريقاً لنصحهم، فربّ كلمة تخرج من قلب محب خير من كتب لا تجدي نفعاً.

2- الحلم وكظم الغيظ : فما أجمل موقفه صلى الله عليه وسلم من أنس حيث قال : كنت أمشي مع رسول الله وعليه برد نجراني، غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجذبه جذبةً شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال : يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله وضحك وأمر له بعطاء. فبحسن الخلق والمعاملة الحسنة يدرك الإنسان كل ما يريد.

3- السماحة في المعاملة : ما أجمل الكلمات التي وصف بها رسول الهدى المعاملة التي تكسب محبة الناس (رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى)، فالسماحة في البيع تكون بعدم الفظاظة وفي الشراء حين يكون المشتري كريم النفس، وبالأخص إذا كان غنياً والبائع فقيراً، وفي الاقتضاء والقضاء أي طلب الحق أو أداء الحق.

4- المداراة : تختلف اختلافاً كلياً عن المداهنة والمراوغة، فهي لين الكلام وحسن المعاشرة لأناس فساق وذلك لمصلحة شرعية، فعن عائشة : (إن رجلاً استأذن على النبي، فلما رآه قال : بئس أخو العشيرة، فلما جلس تطلَّق النبي في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت له عائشة : يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه، فقال رسول الله : يا عائشة : متى عهدتني فاحشاً ؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه).

5- إدخال السرور على الآخرين : قال : (لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) فرب كلمة تسبقها ابتسامة تقع في النفس ما شاء الله لها أن تقع، وتكون رسولاً لأصعب المهام، فقد كان ملاطفاً للصغار، ومتقرباً من كبار السن منهم.

6- احترام المسلمين وتقديرهم والتأدب معهم وتبجيلهم : فقد قال رسولنا الكريم : (ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه)، كلمات موجزة فيها كل التعبير عن حال المسلم مع أخيه المسلم، ومنها الاحترام لمن يخالفه في الرأي و احترام المتحدث وعدم مقاطعته، وكل ذلك من هدي رسولنا.

7- حسن الكلام : قال (الكلمة الطيبة صدقة)، فالنصيحة غالباً تكون مخالفة للهوى، بعيدة عن أماني النفس، لذلك من المهم أن يكون الإطار الذي تقدم به جميلاً محبباً للنفوس، فكم من كلمة طيبة أدت مهمتها أفضل من ألف كلمة جافة فظة.

8- التواضع ولين الجانب : دخل رجل على رسول الله فأصابته من هيبته رعدة فقال له : (هون عليك فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد)، فبتواضعه كسب قلوب ومحبة كل من سمع به أو رآه، وهكذا يجب إن يكون حال المسلم.

9- الجود والكرم : قال عليه أفضل الصلاة والسلام : (تهادوا تحابوا)، فالسخاء والجود والكرم يطيب النفوس، ويفرح القلوب، ويفتح الأقفال المغلقة، ومنها يكون الدخول إلى عالم النفس البشرية لأداء الرسالة.

10- الرفق : ومن هديه عليه الصلاة والسلام قوله : (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) فقد كان عليه الصلاة والسلام رفيقاً حتى مع أهل الفسق أو أهل المعاصي فقد قال : (إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف ومالا يعطى على سواه)، وكل ذلك في سبيل كسب القلوب من اجل نشر كلمة الحق وهكذا تكون وسائل كسب القلوب هي في مجملها من محاسن الأخلاق لقوله عليه الصلاة والسلام : (أكمل المؤمن إيماناً أحسنهم أخلاقاً).

● وفي مقابل ذلك يجب معرفة الأمور التي بها تنفر القلوب وتقسو، ويحل الجفاء مكان الصفاء، وذلك لتجنبها وعدم الوقوع بها، وهي :
1- عدم مراعاة الناس وأحوالهم : قال عليه الصلاة والسلام : (إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما يشاء)، فربما كانت هذه الصفة سبيلاً لترك الناس العمل الصالح وابتعادهم عنه نتيجة لسوء التصرف.

2- التعلق بمتاع الدنيا وزخرفها : يعلمنا رسولنا الكريم بكلمات فيقول : (ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس)، فيجب على الإنسان عدم الطمع بما في أيدي الناس حتى تدوم محبته في قلوبهم.

3- الغلظة والفظاظة : قال تعالى مادحاً رسوله الكريم : (فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) فكم من داعية لم ينتبه لهذه النقطة وكانت النتيجة ابتعاد الناس عنهم وعدم تقبلهم لكلامهم، وبالتالي عدم إيصال الرسالة إلى الناس.

4- مخالفة القول العمل : قال الله تعالى يذم هذه الصفة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ • كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) (الصف : 2 - 3)، فمن وجه التمام أن يكون المسلم ملتزماً بما يأمر به، ومبتعداً عما ينهي عنه، ولكن في حال عدم تمكنه من فعل ما يأمر به أو عدم تمكنه من ترك ما ينهي عنه، فيجب عليه حتى في هذه الحالة الاستمرار في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنهي عن المعاصي، ولكن في هذه الحالة قد لا يكون مؤثراً في النفوس كما يجب.

5- التعسير والتعقيد : قال عليه الصلاة والسلام : (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا)، فيجب أن يكون إيصال الأمر بالمعروف باليسر واللطف، والنهي عن المعصية أو المنكر أيضاً بعيداً عن الغلظة والتعقيد، اقتداءً بسيد البشرية، وذلك لأن التدرج بإعطاء العلم والواجبات تكون أسهل للنفس في تقبلها.

■ وأخيراً :
فإن كسب القلوب من أعظم نعم الله على عباده، فمن وهبه الله هذه النعمة فقد أصبح إيصال الرسالة للناس عليه أمراً سهلاً هيناً، ويكون له من اجر من يعمل عملاً صالحاً من غير أن ينقص من أجره شيئاً، ويكون ذلك سبيلاً للفوز برضاء الله وجنات النعيم.