من أحدث المقالات المضافة إلى القسم.

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمُ الكاتب : زهير آل عيسى الغامدي.
إجمالي القراءات : ﴿5438﴾.
عدد المشــاركات : ﴿26﴾.

المرأة بين القبول والرفض.
■ لم أجد أمة تهمل تاريخها وارثها الديني والثقافي كما تفعل المجتمعات الإسلامية قاطبة بالرغم أنها تملك إرثا وتاريخا موثوقا بالتجارب الحية التي عندما تقرأها تكاد تشاهدها مما تحمله من مصداقية وشفافية ليس كما لدى الآخرين مجرد أقوال ونظريات لا تكد ترى لها اثر في واقعها.
إن مشكلة المجتمعات الإسلامية ليس في منهجها الشرعي والتي تدعي كل دولة أنها تستند عليه وإنما في عقولها التي تفهم بها ذلك المنهج.
إن التشدد في الخطاب الإسلامي له مبرراته إذا ما نظرنا للتطرف الواضح الفاضح في الجانب الآخر واقصد به الجانب الليبرالي والذي يعيش في بلاد الحرمين منبع المنهج الإسلامي الوسطي ويدعو بكل وضوح إلى التبرج والسفور ومنكرات الأمور بل ويتطاولون على الشريعة الإسلامية وليس ذلك فقط بل يتكلمون عن المفهوم المدني للألوهية وكأنهم أنبياء أو عندهم علم الكتاب.
(وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ .. الآية) (سبأ : 31) كيف يريدوا أولئك القوم من أهل هذه البلد الطيب قبول أفكارهم المنحرفة دون أن يغضبوا ويثوروا على باطلهم ومفترياتهم المقززة للفطرة السليمة. وليعلم هؤلاء القلة أن دين الله باق وأن العاقبة للمتقين.
إن المنهج الذي أصلح الله به قبائل شتى وشرح به قلوباً غلفا ورفع به أناساً جهلاء لهو ـ المنهج الحق ـ إن المنهج الذي شهد بصحته أعدائه فقد قال هرقل وهو ملك الروم عن الرسول محمد عليه وعلى اله وصحبة أفضل الصلاة والسلام : فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ لهو المنهج الحق.
إن المنهج الإسلامي بالوسطية التي يدعو إليها ليسع ليس فقط دخول المرأة للمجلس البلدي وعضوية مجلس الشورى بل أن تكون معالجة للجرحى في الحروب وهذا ما حدث في صدر الإسلام ولم ينكره احد من أهل العلم.
ولكن ولكي تبرا الذمة من أن أكون ممن يتجرؤون على الفتوى فقد غلف المسلمون والمسلمات الأوائل كل هذه الأفعال بالضوابط الشرعية والتي لم تدع لضعاف النفوس وأهل الكلام مجالاً، وأن إعلان خادم الحرمين بالسماح بمشاركة المرأة في مجلس الشورى ابتداءً من الدورة القادمة وفق الضوابط الشرعية، وكذلك يحق لها الترشح في انتخابات المجالس البلدية المقبلة مرشحة وناخبه لم يخرج عن كل تلك الأفعال التي كانت تحدث في صدر الإسلام إذا ما راعينا الضوابط الشرعية المذكورة في القرار. ولهذا فأنا أقول أن الكرة ألان في ملعب السيدات، فهل سوف يكن بقدر مسئولية هذا القرار التاريخي ويعلمن أن المجتمع ليس بحاجة للتبرج والسفور وإنما هو بحاجة للنصف الآخر من عقله ليكون قراره ناضج ومكتمل في بعض الأمور ولنا في قصة أم سلمة عندما أشارت على الرسول صلوات الله وسلامه عليه في الحديبية بأن يحلق وينحر، فبرغم من كماله ورجاحة عقله بأبي هو وأمي إلا أنه احتار كيف يجعل أصحابه يطيعوه في ذلك الأمر وهذا من رحمة الله بالنساء واثبات أهليتهن للشورى وأيضاً إثبات بشرية النبي صلوات الله وسلامه عليه.
فخرج الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلم يُكلّم أحداً، ونحر بُدْنَهُ، ودعا حالِقَهُ فحلقه، فلما رأى الصحابة ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غمّاً، وبذلك نجا الصحابة من خطر مخالفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وسؤال عمر بن الخطاب لأبنته حفصة عن المدة التي تصبر فيها المرأة عن زوجها خير دليل، وكذلك المرأة التي ردت على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما أراد أن يحدد المهور فتلت عليه قول الحق سبحانه وتعالى: (وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) (النساء : 20)، فقال أصابت امرأة وأخطأ عمر.
فكل هذه المواقف تدل على أن المرأة متى ما التزمت بالمنهج الشرعي والضوابط الشرعية فليس عليها بأس في التحدث والنقاش وابدأ الرأي، بل والنصح للآخرين.
والآن ولله الحمد تقدمت وسائل الاتصال والعمل الإلكتروني بشكل كبير مما يسمح للمرأة المسلمة بفعل كثير من الأمور وهي في موقعها المحافظ بعيداً عن الاختلاط المباشر والمُشْتَبَه فيه.

■ وهنا ..
أوجه رسالة للمرأة المسلمة العاملة إنك مسئولة ومحاسبة فاتقي الله واعلمي أن العمل والإنجاز لا يحتاج لأن تكشف المرأة عن شعرها وساقيها حتى تبدع. اعلمي أن المنهج الإسلامي هو أكمل المناهج السماوية وأنه أعزك ورفعك وجعل قدرك مساوياً في الأفعال والوجبات بالرجل إلا ما استثناه الشارع.

■ وفي الختام :
أسئل المولى عز وجل أن يحفظ علينا ديننا الذي لا عزة لنا بدونه ولنا في قول عمر رضي الله عنه خير ختام (إنّا كنا أذلّ قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله).